الحمد في القرآن والسنة

 « الحمد في القرآن والسنة وثماره »







أولا: تعريف الحمد. 

ثانيا: الحمد في القرآن الكريم.

ثالثا: ثمار الحمد في السنة النبوية الشريفة.



الخطبة الأولى:


الحمد لله أهل الثناء والمجد، له الخلق والأمر له الملك وله الحمد وله الخلق وله الأمر وبيده الخير وهو على كل شيء قدير.

الحمد لله الذي افتتح الله كتابه بالحمد تعظيما لنفسه وتعليما لخلقه فقال {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2].

أنزل كتابه بالحمد فقال { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} [الكهف:1].


وافتتح بعض السور فيه بالحمد، كما في أول سبأ فقال {الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ} [سبأ 1].

وافتتح خلقَه بالحمد فقال: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الانعام:1].

وابتدأ خلقه بالحمد فقال { الْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَاواتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَىْء قَدِيرٌ.[فاطر:1].

واختتم خلقه بالحمد فقال بعد ما ذكر مآل أهل الجنة وأهل النار فقال{ وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الزمر: -75].


الحمد لله الذي جعل آخر دعاء المؤمنين في الجنة بالحمد فقال {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له للهِ العَظِيمِ عَرْشُهُ القَاهِرِ الفَرْدِ القَوِيِّ بَطشهُ والحَمْدُ للهِ حَمْدًا لاَ نَفَادَ لَهُ ولا انْقِضَاءَ مَدَى الرَّوحَاتِ والبُكَرِ له الْحَمْدُ للهِ بِحُسْنِ صُنْعِهِ وله الشُكْر عَلى إعْطائِهِ ومَنْعِهِ حَمْدًا يُوافِي لِمَا أسْدَاهُ مِن نِعَمه "اللهمّ ربّنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئتَ من شيء بعد".


الحمد لله لا يحصى له عددُ 

                                 ولا يحيط به الأقلام والمِددُ.

حَمْدًا لِرَبِي كَثِيرًا دَائِمًا أبَدا

                       في السِر والجَهْرِ في الدارَينِ مُسْتَرَدُ.


مِلْءَ السمواتِ والأَرْضِينَ أجْمَعِهَا 

                           ومِلْءَ مَا شَاءَ بَعْدُ الواحِدُ الصَّمَدُ.


وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله هو صاحب لواء الحمد، وهذه مفخرةٌ عظيمةٌ ومكانةٌ رفيعةٌ حظي بها  صلوات الله وسلامه عليه وعلي آله وصحبه أجمعين. 


روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواءُ الحمد ولا فخر، وما من نبيٍّ يومئذ آدم فمَن سواه إلاّ تحت لوائي، وأنا أول شافعٍ، وأوّل مشفّعٍ ولا فخر).


قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :

أغر عليه من النبوة خاتم

                              من الله مشهود يلوح ويشهد. 

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه

                        إذا قال في الخمس المؤذن أشهد. 

وشق له من اسمه ليجله

                         فذو العرش محمود وهذا محمد. 



أما بعد 

فالحمد لله القائل في كتابه ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59] فالحمد له - سبحانه - أوَّله وآخره، وله الحمد في الأولى والآخرة وفي جميع ما خلق وما هو خالق، كما قال - سبحانه -: {وَهُوَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [(70) القصص].



أولا: معني الحمد 

إن الحمد شأنُه عظيمٌ، ومعناه كبير وثوابُه جزيلٌ، ويترتّب عليه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله، وأهله هم الحَرِيُّون يوم القيامة بأعلى المقامات وأرفع الرُّتب وأعلى المنازل إنّ الله عز وجل يقول {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيمٌ لَنَا الْحَمْدَ، هُوَ أَمْرٌ لَنَا بِالحمد.


فما هو الحمد؟

الحمد: هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والإجلال، فإذا وصفت ربك بالكمال فهذا هو الحمد، لكن لا بد أن يكون مصحوبًا بالمحبة والتعظيم والإجلال.


الحمد: هو الإقرار بالنعم لله عز وجل والثناء بالجميل على واهب الجميل على جهة التعظيم والتبجيل.

وهو الثناء العاطر على من يستحق الثناء، ولا يستحق الثناء لذاته إلا الله.

(الحمد لله) كما قال العلماء: كلمة كل شاكر، وهي كلمة رضيها الله سبحانه وتعالى وقبلها من عباده.



ثانياً: الحمد في القران الكريم.

وقد ورد الحمد في القرآن الكريم في أكثر من أربعين موضعاً، جُمع في بعضها أسباب الحمد، وفي بعضها ذُكرت أسبابه مفصّلةً.


فقد حمد نفسه على تفرّده بالإلهية ، وحمد نفسه على امتناع اتصافه بما لا يليق بكماله من اتخاذ الولد والشريك وموالاة أحد من خلقه لحاجته إليه، كما في قوله تعالى: {وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} (111) الاسراء.


وحمد نفسه على علوّه وكبريائه كما قال - سبحانه -: { فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37) الجاثية.


 وحمد نفسه في الأولى والآخرة، وأخبر عن سريان حمده في العالم العلوي والسفلي، ونبّه على هذا كلّه في كتابه في آيات عديدة تدل على تنوّع حمده سبحانه ، وتعدّد أسباب حمده، وقد جمعها الله في مواطن من كتابه، وفرّقها في مواطن أخرى ليتعرّف إليه عباده، وليعرفوا كيف يحمدونه وكيف يثنون عليه، وليتحبّب إليهم بذلك، ويحبّهم إذا عرفوه وأحبّوه وحمدوه.


ومن الآيات التي جُمع فيها أسباب الحمد قوله تعالى: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة:2]: إذا قالها العبد، قال الله سبحانه وتعالى: (حمدني عبدي).


روي الامام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي - وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي - فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ".


وقوله تعالي : {لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ} ، وقوله: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}.


ومن الآيات التي ذُكر فيها أسباب الحمد مفصّلة قوله تعالى: { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الاعراف ففيها حمده على نعمة دخول الجَنّة. 


وقوله - تعالى لعبده نوح عليه السلام : { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28 المؤمنون) ففيها حمده على النصر على الأعداء والسلامة من شرّهم.


وقوله - تعالى -: { هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) غافر}.


ففيها حمده على نعمة التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده. 

وقوله - تعالى علي لسان ابراهيم عليه السلام {الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39 ابراهيم) ففيها حمده - سبحانه- على هبة الولد.


فالله - تبارك وتعالى - هو الحميد المجيد.

و ((الحميد)) إسم من أسماء الله الحسنى العظيمة، وقد ورد هذا الإسم في القرآن الكريم في أكثر من خمسة عشر موضعاً، منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)فاطر،


 وقوله - تعالى -: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) البقرة }

 وقوله - تعالى -: {فَإِنَّ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً} ( النساء 131) ،


فهو - تبارك وتعالى - الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو - تبارك وتعالى - المستحق لكل حمد ومحبة وثناء لما اتصفه من صفات الحمد التي هي صفة الجمال والجلال، ولما أنعم به على خلقه من النعم الجزال.




ثالثاً: ثمار الحمد في السنة النبوية الشريفة.

وكما أنّ القرآن الكريم قد دلّ على فضل الحمد وعِظم شأنه بأنواع كثيرة من الأدلة، فكذلك السنة مليئةٌ بذكر الأدلة على فضل الحمد وعِظم شأنه، وما يترتّب عليه من الفوائد والثمار والفضائل في الدنيا والآخرة، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم أحمدَ الخلائق لله، وأكملَهم قياماً بحمده أُعطي لواءَ الحمد، ليأوي إلى لوائه الحامدون لله من الأولين والآخرين، وأخرج الدارمي والترمذي، والبيهقي في "الدلائل" عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنا أول الناس خروجاً إذا بُعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا، لواءُ الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر".


وهو لواءٌ حقيقيٌّ يحمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بيده ينضوي تحته وينضمّ إليه جميعُ الحمّادين من الأولين والآخرين، وأقربُ الخلق إلى لوائه أكثرُهم حمداً لله وذِكراً له وقياماً بأمره، وأمّتُه صلى الله عليه وسلم هي خيرُ الأمم، وهم الحمّادون الذين يحمدون الله على السرّاء والضرّاء.


وجاء في أثر يُروى عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: " نَجِدُهُ مَكْتُوبًا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فَظًّا وَلَا غَلِيظًا، وَلَا صَخَّابًا بِالْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يُكَبِّرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ نَجْدٍ، وَيَحْمَدُونَهُ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ، يَتَأَزَّرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ، وَيَتَوَضَّئُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ "رواه الدارمي في مقدّمة سننه.



الحمد لله تملأ السموات والارض :-

أخرج الامام مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعريِّ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطَهور شطرُ الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصَّبرُ ضِياءٌ، والقرآن حجّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو فبائعٌ نفسَه فمعتقُها أو موبقُها".


فأخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن عظيم فضل الحمد وعظيم ثوابه، وأنَّه يملأ الميزان، 


وقد قيل: إنَّ المراد بِملئه الميزان أي: لو كان الحمد جسماً لملأ الميزان، وليس بسديد، بل إنَّ الله عز وجل يمثّل أعمال بني آدم وأقوالهم صُوَراً يوم القيامة وتوزن حقيقةً، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ".



الحامدون أول من يدخل الجنة و أهل الحمد لهم بيوت في الجنة ونخيل :-

روي الطبراني في الكبيرعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللهَ عَلَى السَّرَّاءِ، وَالضَّرَّاءِ» رواه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم في الحلية.


إن الحمد غراس الجنة وبناء قصورها وبيوتها ملائكة تبني للذاكرين الحامدين. 


روي الامام الترمذي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ".


وفي الجَنّة بيتٌ يُقال له بيتُ الحمد، خُصَّ للذين يحمدون الله في السرّاء والضراء ويصبرون على مُرِّ القضاء، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولَدُ العبد قال الله - تعالى - لملائكته: قبضتُم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدَك واسترجع. فيقول الله - تعالى -: ابنوا لعبدي بيتاً في الجَنّة وسمُّوه بيتَ الحمد".


فهذا حَمِدَ الله على الضرّاء فنال بحمده هذه الرتبة العلية، ولكن ليبلغ العبدُ هذه المنزلة، ويصل إلى هذه الدرجة فهناك أمرين :

الأمر الأول: علم العبد بأنّ الله - سبحانه - مستوجبٌ ذلك، مستحقٌّ له بنفسه، فإنّه أحسنَ كلَّ شيء خلقه، وأتقن كلَّ شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم.


والأمر الثانى: علمُه بأنّ اختيارَ الله لعبدِه المؤمن خيرٌ من اختياره لنفسه، كما روى احمد في مسنده عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ، إِنَّ اللهَ لَا يَقْضِي لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ ".


وأخرج مسلم عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».


 فإذا عَلم ذلك العبدُ وتيقّنه أقبل على حمد الله في أحواله كلِّها في سرّائه وضرّائه، وفي شدّته ورخائه، ثم هو في حال شدّته لا ينسى فضلَ الله عليه وعطاءَه ونعمتَه.



الحمد أفضل الدعاء :-

وثبت أن الحمد افضل الدعاء لما رواه الترمذي وابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل الذِكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: "الحمد لله".


فجعل - صلوات الله وسلامه عليه - حمدَ الله أفضلَ الدعاءِ، مع أنَّ الحمد إنّما هو ثناءٌ على المحمود مع حبِّه، ولهذا سُئل ابن عيينة - رحمه الله - عن هذا الحديث فقيل له: كأنّ الحمد لله دعاء؟ فقال: "أما سمعتَ قولَ أمية بن أبي الصلت لعبد الله ابن جدعان يرجو نائلة:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني حباؤك إن شيمتَك الحياءُ.

إذا أثنى عليك المرءُ يوما كفاه من تعرضه الثناءُ.

كريم لا يغيره صباحٌ عن الخلق الجميلِ ولا مساءُ.

فهذا مخلوقٌ اكتفى من مخلوقٍ بالثناء عليه، فكيف بالخالق سبحانه".


ويؤيّد هذا المعنى قولُ الله - تعالى -: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} ، فجعل الحمدَ دعاء.


قال ابن القيّم - رحمه الله -: "الدعاء يُراد به دعاءُ المسألة ودعاء العبادة، والمُثنِي على ربّه بحمده وآلائه داعٍ له بالاعتبارين، فإنَّه طالبٌ منه، طالبٌ له، فهو الداعي حقيقة، قال تعالى: {هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}.


فهو سبحانه أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأحق من حمد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأكرم من قصد، أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأعز من كل شيء سبحانه وبحمده.


يقول القحطاني في نونيته:

أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان.     

أنت الذي آويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان.

فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني.

ولقد مننت عليّ ربي بأنعم مالي بشكر أقلهن يدان.



الحمد يورث محبة الله ورضاه :-

روي الامام مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»،


وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فليرد ما استطاع، فإذا قال: هاء ضحك الشيطان)).


وعند مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((علمني كلاماً أقوله: قال: ((قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم)) فهؤلاء لربي فمالي؟ قال: ((قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني)).


بل له الحمد علي كل حال ومقام ومقال.


عن سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحبّ الكلام إلى الله أربع:

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر. لا يضرّك بأيّهنّ بدأت، ولا تسمّينّ غلامك يسارا ولا رباحا، ولا نجيحا ولا أفلح. فإنّك تقول: أثمّ هو؟

فلا يكون. فيقول: لا».


ضاع فرس لـ جعفر الصادق، فقال: [[لئن وجدتُ الفرس لأحمدنَّ الله بمحامد ما حُمِد بمثلها فلما وجد فرسه، ركبه، وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]]].


جاء رجلٌ إلى يونس بن عبيد - رحمه الله - يشكو ضيقَ حاله، فقال له يونس: "أيسُرُّك ببصرك هذا مائةَ ألف درهم؟ قال الرجل: لا، قال: فبيديك مائة ألفِ؟ قال: لا، قال: فبرجليك مائةُ ألفِ؟ قال: لا. قال: فذكّره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة".


وجاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّه قال: "إنّ رجلاً بُسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه، فجعل يحمدُ الله ويثني عليه حتى لم يكن له فراشٌ إلاّ بارِيَّةٌ ، قال: فجعل يحمدُ الله ويثني عليه، وبُسط لآخر من الدنيا فقال لصاحب الباريّة: أرأيتك أنت على ما تحمد الله؟ قال: أحمده على ما لو أُعطيت به ما أُعطي الخلق لم أعطِهم إيّاه. قال: وما ذاك؟ قال: أرأيتك بصرك، أرأيتك

لسانك، أرأيتك يديك، أرأيتك رجليك".



سمع الله لمن حمده : -

عباد الله أن يسمع أهل الحمد أي يجيبهم واستجاب حمدهم وثناءهم ولذلك جعلت في الصلاة خلف القيام من الركوع روي البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ".


وروى البخاري في صحيحه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: كنا يوماً نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم: فلما رفع رأسه من الركعة قال: ((سمع الله لمن حمده)) قال رجل: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: ((من المتكلم)) قال: أنا، قال: ((رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول)).



الحمد رفع للمشقة والعناء وشفاء من البلاء :-

وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال: إن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها وأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فانطلقت فلم تجده، ولقيت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: ((على مكانكما ،فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ثم قال: ألا أعلمكم خيراً مما سألتماه؟ إذا أخذتما مضاجعكما: أن تكبرا أربعاً وثلاثين وتسبحاه ثلاثاُ وثلاثين، وتحمداه ثلاثاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم)).


عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، إلا عوفي من ذلك البلاء كائناً ما كان ما عاش)).


عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال: ((الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا رأى ما يكره قال: الحمد الله على كل حال)).


وكان الحسن البصري رحمه الله إذا ابتدأ كلامه يقول: الحمد الله اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وعلمتنا وأنقذتنا وفرجت عنا، لك الحمد بالإسلام والقرآن ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبتّ عدونا وبسطت رزقنا وأظهرت أمننا وجمعت فرقتنا وأحسنت معافاتنا، ومن كل ماسألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على ذلك حمداً كثيراً ولك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث أو سر أو علانية أو خاصة أو عامة أو حي أو ميت، أو شاهد أو غائب، لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت.


رأى بكر بن عبد الله المزني رحمه الله تعالى حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله، أستغفر الله، قال: فانتظرته حتى وضع ما على ظهره وقلت له: أما تحسن غير هذا؟ قال: بلى أحسن خيراً كثيراً: أقرأ كتاب الله غير أن العبد بين نعمة وذنب، فأحمد الله على نعمة السابغة وأستغفره لذنوبي فقال: الحمال أفقه من بكر.


قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: من عرف نعمة الله بقلبه وحمده بلسانه لم يستقيم حتى يرى الزيادة لقوله تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7].


قال الشافعي رحمه الله تعالى: أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه حمد الله تعالى والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.


قال ابن زيد رحمه الله تعالى: "إنه ليكون في المجلس الرجل الواحد يحمد الله عز وجل فيقضى لذلك المجلس حوائجهم كلهم".



والخاتمة رزقنا الله حسنها: أن الحمد من أعلى مقامات الإيمان ويوجب محبة الله عز وجل ونصرته،

 وفي كثرة الحمد جلب النعم المفقودة والمحافظة على الموجودة،

 وفيه غفران الذنوب وستر العيوب، 

 وفي مجاورة الحمادين سعادة لمن جاورهم وجالسهم،

 وفي كثرة الحمد انشغال بذكر الله عز وجل عن الغيبة.   والنميمة وعن كل ما يسخط الله عز وجل،

 وفيه قوة البدن ،وعافيته،

 وهو أفضل من عتق الرقاب والصدقة بحرّ المال. 

 وكثرة الحمد تجعل العبد مطمئناً لقضاء الله بل ويوصله لمقام الرضا والحمد الذي هو من أجل الصفات التي تحلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصى بها أمته.


وفي الحديث القدسي الذي رواه أحمد في كتاب الزهد بسند جيد: أن الله يقول في الحديث القدسي: (({عجباً لك يا بن آدم ما أنصفتني! -أي ما عدلت بيني وبينك- خلقتك وتعبد غيري، ورزقتك وتشكر سواي، أتحبب إليك بالنعم وأنا غني عنك، وتتبغض إليَّ بالمعاصي وأنت فقير إليَّ، خيري إليك نازل وشرك إليَّ صاعد})) وهذا هو حال العبد.


والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياءُ.

والله عز وجل لم يقبل قولاً إلا بعمل، وهؤلاء ككثير من الأمة، يمدحون الله إذا أكلوا خبزاً وشربوا ماءً؛ ولكنهم يذهبون بهذا الخبز والماء في غير ما يرضيه، بل يتقوون به على معصيته

يقول الله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:180 - 182].


فضل الأزهرى

"أدعوا إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" نشر المعلومات الدينية الصحيحة من أحاديث نبوية وفقه وأحكام شرعية،ومساعدة مرضي الأمراض الروحية من عين وحسد ومس وأسحار عن طريق العلاج بالقرآن والرقية الشرعية المأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال